هل تتوقف الأمهات عن التعلم؟ القراءة؟ التساؤل؟

post Image>

لماذا لا تنبت يدي كل ما غرسته لأمي وتزهر عندما ألونها بالأخضر؟ ومن أين تتوالد ضحكات أبي و قهقهاته؟

تقول أمي أنه يجب علي أن أنهي كل ما أضعه في صحني ولكن هل ستكبر حبة البازلاء في أحشائي وتنبت طفلًا كما يكبر الجنين في أحشائها عندما تأكل؟ لا لن أنهي صحني لا أريد مخلوقًا مزعجًا آخر في بيتنا!

أتساءل أيضًا أين يقف الطير الأخضر كل يوم ليهمس لأبي عن ما فعلته في يومي؟ وكيف له أن يفهم لغته؟ أليس نبي الله سليمان هو من يفهم منطق الطير وحده؟ ولماذا لا يخبره عن الأشياء الجميلة التي قمت بها في يومي؟ حسنًا سأغلق جميع الشبابيك لكي لا يجد هذا الطير الأخضر منفذًا!

أمشي وأمشي وأمشي ويمشي القمر معي، “كيف لهاذا المخلوق الجميل أن يلاحقني ولا يمل؟” أسأل أبي

فضولي الطفولي الفطري كان بإمكانه أن يتضاءل ويموت في يوم ما لو قوبلت بجواب حتمي، أو ببساطة لو قيل لي: “لا داعي للأسئلة التي ليس لها جدوى!” كان أبي دومًا يترك لنا هذه المساحة للتساؤل والفضول، صحيح أني كنت أتلقى أجوبه حتميه أحيانًا، وفي أحيانٍ أخرى كنت أسمع “عندما تكبرين يا ابنتي ستفهمين!” ولكن أسئلتي لم تقابَل بالتهكم أو الإغلاق!

كنت أظن أنني عندما أكبر سأكون قد وصلت لحقيقة الأمور! نعم فالكبار قد فكوا شفرة الحياة ومعانيها ويبدو أنهم خاليين من الحيرة و لا شيء يستعصي عليهم فهمه! فكيف لي أن أقفز سنوات عمري وأصل لهذا المكان الملوكي وأجد جوابًا لكل سؤال يتقافز في ذهني؟

كبرت وعلمت أن الأسئلة لا تنتهي ولكنها تتوالد ويصبح لها أطفال وأحفاد وأبناء عمومة!

كبرت وأصبحت أمًا وتجدد فضولي مع أبنائي، تلك الدهشة التي أراها في عيونهم وهم يحاولون فك ألغاز الحياة فأعاود التساؤل والدهشة من جديد، وأدعو حينها أن لا تنتهي ولا تنطفئ دهشتي معهم!

أسئلتهم رغم بساطتها و فطريتها تصبح أحيانًا تساؤلاتي! تعلمت كيف أحتفل بهذه التساؤلات ولا أوئدها في مهدها رغم مشاغل الحياة وسهولة الجواب في نظري!

“ماما ألسنا مخلوقين من طين؟ كيف للطين أن ينبت شعرًا؟” كان آخر تساؤلات ابنتي الصغيرة مريم

“ماما لماذا لم تسمي أخي فاضي؟ مثل العلبة الفاضية بصراحة هو ممل وكثير البكاء ليتك أحضرتِ شيئًا أكبر منه”  تسأل بتيل

ومرة فاجئني ياسين بسؤاله: “لماذا لا يمكنك التصدق بأختي كما تتصدقين بملابسنا؟ ولماذا لا تشتريلها أسنان من السوبرماركت وتتوقفي عن إطعامها؟”

“ماما ما معنى (يمنع الماعون) أليس هو من يمتنع عن الصدقة؟ لماذا تحتفظين إذا بعيدياتي؟” سألتني ملك ذات يوم:

“هل للشيطان امرأة تحت الأرض كما خلق الله حواء وآدم على الأرض؟”

وعندما كبرت صغيرتي أدهشتني ذات يوم عندما سألتني: “كيف لي أن أفرق بين صوتي وصوتك في ذهنك؟ كيف لي أن أعرف أن ما أقوم به نابع من قيمي وهو صوتي الداخلي وليس صوتك ولإرضائك؟ كيف أفرق بين وساوس نفسي ووساوس الشيطان يا أمي؟”

يكبرون وتكبر أسئلتي معهم!

أكبر وأتوق لبريق الدهشة، ذلك الذي يدغدغ وجداني ولم يعد يزورني  إلا كل حين!

سأعرف أني كبرت حتمًا عندما تتوقف عيني عن اللمعان والبريق وروحي عن الاندهاش!

>

>

بقلم رولا بادكوك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

15 − 13 =

لا توجد تعليقات